الانتخابات البلدية والاختيارية 2025

آراء وتحليلات

ماذا يستفيد العراق من تفاهم أميركا وإيران؟
01/05/2025

ماذا يستفيد العراق من تفاهم أميركا وإيران؟

في حلقة نقاشية ضمت عددًا من أصحاب الرأي والساسة العراقيين، طرحت جملة رؤى وتصورات حول أثر وتأثير مخرجات المفاوضات الجارية حالياً بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأميركية بشأن البرنامج النووي الإيراني على العراق.

  ومن بين أبرز ما طرح في الحلقة النقاشية:

-التوصل إلى تفاهمات جادة وواقعية بين واشنطن وطهران، لا بد أن يكون له انعكاسات إيجابية على مجمل المشهد الإقليمي العام، باعتبار أن كل الملفات الإقليمية متداخلة مع بعضها، وطهران تكاد تكون طرفًا في أغلبها، إن لم يكن جميعها، في  الوقت الذي كانت واشنطن-وما زالت-حاضرة ومؤثرة بأشكال وصور ومظاهر مختلفة.        

-كان العراق على امتداد العقدين الأخيرين المنصرمين، أحد أبرز بؤر التفاعلات الإقليمية الكبيرة، بسبب طبيعة الظروف والأوضاع التي عاشها، بدءًا من الإطاحة بنظام صدام، ومرورًا بخضوعه للاحتلال الأميركي، وظهور التنظيمات والجماعات الإرهابية التكفيرية فيه، كالقاعدة وداعش، وغير ذلك، لذا فإنه من الطبيعي جدًا أن يتأثر -سلبًا أو إيجابًا- بمسارات واتجاهات ومآلات الصراع بين الفرقاء الإقليميين والدوليين، لا سيما الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن يصطف ويتحالف معها من جهة، والولايات المتحدة الأميركية ومن ينضوي تحت رايتها ويسير وراءها، من جهة أخرى.  

-التفاهم والاتفاق الإيراني الأميركي، ولو بالحدود الدنيا، يمكن أن يسهم في نزع فتيل قدر كبير من التوترات، وبالتالي، يساعد العراق في تعزيز آفاق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، والهدوء الأمني. إذ إن تجارب العقدين المنصرمين، أكدت بما لا يقبل الشك، أن عموم المشاكل والأزمات والخلافات بين واشنطن وطهران ألقت بظلالها الثقيلة على العراق، لأن القواسم المشتركة والمصالح المتبادلة بين العراق وإيران واسعة ومتشعبة جدًا، فضلاً عن أن علاقاته مع أميركا، مع ما تنطوي عليه من سلبيات وإشكالات، تبقى واقع حال، لا يمكن القفز عليه أو تجاهله وإهماله.    

-بحكم مسيرة العلاقات الإيجابية المتميزة بين العراق وإيران بعد الإطاحة بنظام صدام في ربيع عام 2003، ومواقف طهران الداعمة للعملية  السياسية العراقية، ومساعدة العراقيين في التغلب على الكثير من المشاكل والتحديات، من البديهي أن تنعكس أي انفراجات في الأوضاع الاقتصادية والسياسية لإيران، بالإيجاب على العراق، والعكس صحيح، وهذا ما جعل الأخير يعمل من خلال مؤسساته الرسمية الحكومية وقواه وشخصياته وزعاماته السياسية على ردم الهوة بين إيران وخصومها الإقليميين والدوليين، ومن بينهم الولايات المتحدة الأميركية.      

 ولعل ما يسجل للدبلوماسية العراقية أنها نجحت خلال الأعوام الستة الماضية في حلحلة جملة من ملفات المنطقة الشائكة، من قبيل ملف العلاقات الإيرانية-السعودية، إذ احتضنت بغداد عدداً من جولات الحوار بين الطرفين المتخاصمين، وأسهمت مع مسقط في تقريب وجهات النظر وكسر العديد من الحواجز بين طهران والرياض، وبذلت جهوداً ومساعيَ حثيثة من أجل الإسراع في إعادة إحياء الاتفاق النووي، إذ إن خلفيات الاهتمام العراقي بإبرام اتفاق إيراني-دولي حول برنامجها النووي تعود إلى العام 2012، حينما استضافت ورعت بغداد مباحثات بين طهران ومجموعة خمس زائد واحد، من أجل تقريب المواقف والتأسيس لأجواء حوار إيجابي مثمر يفضي إلى نتائج ومخرجات عملية. وبالفعل، كان ذلك الاجتماع بداية لانخراط العراق في العمل الجاد للتوصل إلى اتفاق واقعي يرضي الفرقاء، ويسهم في خفض حدة التوتر والتصعيد في المنطقة، وإبعاد العراق عن شبح حروب وصراعات دامية أخرى.   

وبما أن إعادة إحياء الاتفاق النووي، سيعود على إيران بمنافع ومكاسب سياسية واقتصادية كبيرة، لعلّ أبرزها التخفيف من الضغوط والأزمات الاقتصادية التي ألقت بظلالها الثقيلة على الشارع الإيراني خلال الأعوام الماضية، وتحريك عجلة الاقتصاد بوتيرة أسرع، وفتح آفاق جديدة له، فإن العراق سيكون أحد أبرز الأطراف التي سوف تستفيد من تفاهمات طهران مع واشنطن والأطراف الأخرى للاتفاق النووي، لأن ذلك من شأنه أن ينشط مجمل حركة التبادل التجاري، والتعاون الاقتصادي، وتعزيز المشاريع والخطط الاستثمارية، علماً أن حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز الاثني عشر مليار دولار سنوياً، ويؤمل أن يصل في غضون بضعة أعوام إلى عشرين مليار دولار. فضلاً عن ذلك، فإن إعادة إحياء الاتفاق النووي، من شأنه أن يضمن تزويد إيران للعراق بكميات الغاز المطلوبة لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية.

وعلى الصعيد السياسي، فإن إعادة إحياء الاتفاق النووي، يعني نزع فتيل التوتر، وخفض مستويات التأزيم والاحتقان إلى حد كبير، وتعزيز ذلك، بالمصالحات والتسويات الإقليمية بين الفرقاء، كالتقارب السعودي-الإيراني، والتقارب الإماراتي-الإيراني، وذلك وغيره لا بد أن ينعكس على عموم الواقع السياسي والأمني العراقي بتعقيداته وتشابكاته وتناقضاته وتنوّع أولوياته.

ورغم أن مسقط تبنت هذه المرة، ربط خيوط الوصل بين واشنطن وطهران، وتهيئة الأرضيات للحوار المباشر أو غير المباشر، والسعي الجاد لتقريب وجهات النظر وتجسير المواقف بينهما، فإن الوصول إلى هذه المرحلة، لم يأت من فراغ، وربما كانت بعض من مقدماته وأولياته انطلقت من بغداد في أوقات سابقة.

وقد يبدو طريق الوصول إلى تفاهمات وتوافقات إيرانية أميركية، طويلًا وشاقًا، وربما لا تأتي النتائج والمخرجات مثلما هو مأمول، من حيث السرعة والمستوى، لأن تراكمات الماضي السلبية كثيرة وكبيرة جدًا، بيد أن ذلك التطور البطيء في حال حصوله، وبإسهام العراق في تحقيقة بهذه الصورة أو تلك، من الممكن أن يعزز، إلى جانب المكاسب السياسية والاقتصادية، من الحضور الإيجابي العراقي على مسرح التفاعلات والأحداث الإقليمية، وبالتالي، يمنح قوة أكبر لمحور المقاومة، ويسلب الكيان الصهيوني بعضًا من عناصر قوته وسطوته في المنطقة.

العراقالولايات المتحدة الأميركيةالجمهورية الاسلامية في إيران

إقرأ المزيد في: آراء وتحليلات

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة
الراشي أو ما يُسمّى بالطحينة: من أهم صناعات الموصل
الراشي أو ما يُسمّى بالطحينة: من أهم صناعات الموصل
جدل العلاقات العراقية - السورية بين القطيعة والانفتاح
جدل العلاقات العراقية - السورية بين القطيعة والانفتاح
فيديو| وزير الشباب العراقي يحيي من الأمم المتحدة شباب لبنان وغزة وينتقد الشذوذ
فيديو| وزير الشباب العراقي يحيي من الأمم المتحدة شباب لبنان وغزة وينتقد الشذوذ
البرلمان العربي يشيد بمواقف العراق ويثمّن دعمه لفلسطين
البرلمان العربي يشيد بمواقف العراق ويثمّن دعمه لفلسطين
بغداد تحتضن اجتماعات البرلمان العربي
بغداد تحتضن اجتماعات البرلمان العربي
إيران تحذّر من مغبّة السلوكيات المتناقضة والمواقف الاستفزازية لأميركا
إيران تحذّر من مغبّة السلوكيات المتناقضة والمواقف الاستفزازية لأميركا
الصين: الولايات المتحدة "نمر من ورق" وعلى دول العالم "كسر الهيمنة الأميركية
الصين: الولايات المتحدة "نمر من ورق" وعلى دول العالم "كسر الهيمنة الأميركية
أحداث البحر الأحمر تطرح تساؤلات كبرى حول قدرات حاملات الطائرات الأميركية
أحداث البحر الأحمر تطرح تساؤلات كبرى حول قدرات حاملات الطائرات الأميركية
القوات المسلحة اليمنية تهاجم حاملة الطائرات الأميركية "فينسون" و4 أهداف صهيونية في يافا وعسقلان
القوات المسلحة اليمنية تهاجم حاملة الطائرات الأميركية "فينسون" و4 أهداف صهيونية في يافا وعسقلان
"أحد أكثر المناصب حساسية".. روبيو يدرس إلغاء منصب المنسّق الأمني الأميركي للضفة الغربية وغزّة
"أحد أكثر المناصب حساسية".. روبيو يدرس إلغاء منصب المنسّق الأمني الأميركي للضفة الغربية وغزّة
الصحف الإيرانية: نتنياهو في مأزق
الصحف الإيرانية: نتنياهو في مأزق
إيران تكشف عن بناء قطعة بحرية لإطلاق الصواريخ سرعتها 215 كلم في الساعة
إيران تكشف عن بناء قطعة بحرية لإطلاق الصواريخ سرعتها 215 كلم في الساعة
تكريمًا لأرواح ضحايا الفاجعة الأليمة في ميناء الشهيد رجائي.. السفارة الإيرانية تفتح سجل التعازي الجمعة
تكريمًا لأرواح ضحايا الفاجعة الأليمة في ميناء الشهيد رجائي.. السفارة الإيرانية تفتح سجل التعازي الجمعة
عراقتشي: لزيادة التعاون بين الدول الإسلامية لوقف الإبادة والتهجير بحق الفلسطينيين
عراقتشي: لزيادة التعاون بين الدول الإسلامية لوقف الإبادة والتهجير بحق الفلسطينيين