نقاط على الحروف
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
وصارت الضاحية بيتًا واحدًا، واسعًا، دافئًا بما يكفي لتصبح كلّ الأماكن دونه بردًا عظيمًا... صارت مسقط قلوب أهلها، ووجهة أعينهم منذ أن خرجوا منها كي يعودوا منتصرين.. تلك المدينة التي تضجّ بالحياة ما مسّها من حقد العدوان ضرّ، وإن عزّ على أحبابها بعد المسافة، والأمتار القليلة بعد كثير، لا سيّما حين ترد خريطة العدوان الآتي..
ما الضاحية؟ يتساءل من لا يعرفها عن سرّ الصلة بين المكان وأهله. كيف يمكن لمساحة من أحياء متلاصقة أن تتخذ لها هذا الحيّز من قلوب سكّانها، بحيث تفيض من نظراتهم التماعة الغربة حين يسكنون، ولو مؤقتًا، أيّ مكان سواها؟ كيف لأسماء شوارعها أن تُنطق بهذا النغم السيّال بالحبّ، كأن المرء منهم ينطق باسم ابن مسافر أو صديق غاب أو عزيز مسّه الضرّ؟ ما الذي جعل الوصل بينها وبين ناسها على هذا المقدار من الدّفء، كأنّها حضن أمّ أو كأنّ الحبّ طريقتهم في برّ الوالدة، ولهجتهم في قصّ حكاياها.. حكاياها التي تشكّلت في أحيائها ذاكرتهم؟
حين يُسأل النّازحون من الضاحية عن عنوان سكنهم قبل النّزوح، ترى في خلفية أصواتهم دلالات الأماكن وترجمتها بلغة القلب والذاكرة:
من بئر العبد، محراب اللقاءات الأولى على حبّ المقاومة..
من حارة حريك، درّة تاج الحبّ وحصنه..
من الشيّاح، "ضيعة" المدينة وحارسها الوفيّ..
من الغبيري، حصن صور الشهداء ومسار عودتهم إلى روضتهم الحيّة..
من حيّ ماضي، مهد الطلقات الثمانينية..
من "أوتوستراد السيّد هادي"، ودفء الاسم يكفي..
من اللّيلكي، ولهفات الوجوه إلى بوابة الجامعة..
من الرويس، مسكن الإباء الجميل الجميل..
من المعمورة، حيّ الوفاء المعتّق..
من الكفاءات، دوّار التّعب الجميل..
من المريجة، وداعة البيوت العتيقة ولطف الشجر..
من تحويطة الغدير، ملتقى الشّباب بعد يوم طويل..
من برج البراجنة، التصاق البساطة بفطرة الطيّبين..
من حيّ السّلم، سخاء الفقراء وجودهم بما يملكون..
من الصفير والقائم والجاموس، وشوارع عبق الشهادة..
من حيّ الأمركان وسانت تيريز، فخامة الانتماء والتلاقي الجميل..
ما الضاحية إذًا؟ هي جيرة السيّد، ذاكرة أسياد النّزال ومسار خطوات الشّهداء.. الجدران المثبتة بصور الأحبّة الأقمار، ببسماتهم.. اليافطات التي تشهر الانتماء والعبق الذي يبوح بالهوية.. المقدرة المكانية العالية على الاحتواء، على احتواء حتى أشرس المبغضين.. ضحيج الشوارع.. صوت المآذن.. وطريق السائرين إلى الحسين في المسيرات العاشورائية.. الحبّ إذ يفيض من مجمّع سيد الشهداء (ع) وساحة معوّض.. والتقاء الدّمع الثائر بالحزن الأبيّ في باحة عاشوراء.. الأسواق والمحال التجارية التي يقصدها الكلّ الكلّ.. البيوت المتراصة كإخوة يتراحمون..
لهذا.. لأجل كلّ هذا، يسكب العدوان نار صواريخه فوق الضاحية.. يأتيها من الجوّ منتقمًا، حاقدًا.. يظنّ أن الدمار يكسر عزّتها، فيوغل في غيّه مدمرًا.. يستهدف أبنيتها، حجارتها، شوارعها، حكاياتها كي ينتزعها من قلب ناسها أو يحيلها أرضًا بلا هويّة! ما أقل مداركه! يلتفّ الأهل على جرح ضاحيتهم ضمادًا شافيًا، ويشدّ القهر ناسها إليها.. يجعل ارتباطهم بها وثيقًا أكثر من أيّ زمن مضى.. ويكاد السّامع إن مرّ فيها أو بقربها بين غارتين أن يميّز صوت كلّ أهلها مكثفًا في كلمات المرحومة الحاجّة كاملة سمحات، ذات تمّوز "فِدا المقاومة!"..
الضاحية الجنوبيةالسيد حسن نصر االلهالمقاومة
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
28/04/2025
هل تصلح مقولة "سويسرا الشرق" للبنان؟
26/04/2025
السفارة الإيرانية تُحبط مخطّط رجي
24/04/2025
الاستسلام للمهزوم
التغطية الإخبارية
فلسطين المحتلة| 31 شهيدًا في غارات "إسرائيلية" على قطاع غزة منذ فجر اليوم
فلسطين المحتلة| الاحتلال يطلق الرصاص تجاه مركبات الفلسطينيين في بلدة بيتا جنوب نابلس
لبنان| إقامة حفل تأبين الفقيد المجاهد محمد حسن النمر
لبنان| تأجيل اعتصام رابطة الأساتذة المتعاقدين المقرر غدًا بعد فتح باب المفاوضات مع وزارة التربية
الولايات المتحدة| ترامب: ماركو روبيو سيتولى منصب مستشار الأمن القومي الأميركي
مقالات مرتبطة

مهرجان النهوض في الضاحية.. تجديدٌ للعهد وتأكيدٌ على الاستمرار في خط التنمية والمقاومة

"جمعية الشجرة الطيبة" تدعو إلى افتتاح فعاليات "مهرجان النهوض"

إعلان لوائح "التنمية والوفاء" لعضوية مجالس بلديات حارة حريك وبرج البراجنة والغبيري

"هنا الضاحية".. ردّ الأهالي أقوى من صواريخهم وجبروتهم

مخيّمات تطوعية كشفية.. مقاومة شعبية لإزالة آثار العدوان

من الذاكرة.. هكذا حيّا سماحة السيد العمّال في عيدهم

بيرم لـ"العهد": مجتمع المقاومة معجزة حيّة لا تُهزم
تلامذة المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم يزورون مرقد سيد شهداء الأمة

بالفيديو| سلسلة أوصيكم: "المهم أن لا تُسقِطك الضربة"

بالصور| في أول أيام عيد الفطر المبارك.. حشود غفيرة تُيمّم وجهها شطر مرقد سيد شهداء الأمة

الاتحاد العمالي في الجنوب: لا نجاة إلّا بالمقاومة ولا عدالة بلا استقلال اقتصادي

المفتي قبلان: لبنان بلا جيش ومقاومة فريسة دولية.. والحكومة تدوس على كرامة شعبها

عزّ الدين: نزع سلاح المقاومة هدفٌ صهيوني – أميركي وأدوات الداخل رأس الحربة في المشروع
